الفكر الإسلامي

 

الحرب الدائرة اليوم باسم الحرب على الإرهاب

إنما تستهدف الإسلام ليس غير

 

 

السيدة المهتدية (وون ردلي)

تعريب : الأخ م. أ. القاسمي

طالب بقسم الإفتاء بالجامعة

  

 

  

 

 

       يأتي مدد جديد لصالح الإسلام ، وذلك متمثلاً في صورة الأماني الجديدة في قلوب الشباب ، وفي صورة المنضمين إلى الإسلام، المُفعَمين بالحمية والحماسة أيضًا ، الذين خرجو إلى الإسلام من الغرب ثائرين على حكوماتهم الظالمة ، وتحوّلوا احتجالاً ووبالاً على دعوة الكفر التي يتمُّ توجيهُها باسم الاعتدالية والمجاملة .

       إن السيدة «وون ردلي» التي عاشت تحت اعتقال الطالبان ، واعتنقت الإسلامَ فيما بعد لا تحتاج إلى التعريف . هذه السيدة المسلمة تكتب حول مختلف القضايا بانتظام صادرة عن العاطفة الإيمانية . وإلى القراء موجز خطابها الذي ألقتْه في احتفال  (WAMY) المنعقد يوم 21/ نوفمبر 2006م ، وذلك نقلاً عن الشقيقة مجلة «الفرقان» الشهرية الأردية الصادرة بلكهنؤ التي نشرتِ الخطاب مترجمًا من الإنجليزية بالأردية في عدد فبراير 2007م = المحرم 1428هـ .

 

       اعتنقتُ الإسلامَ عام 2003م، ومن ثـَمّ لا أتمتع بمعلومات موثوق بها عن الإسلام ؛ ولكني ظلت أحاول دائمًا أن أتعرّف من خلال تبادل الحوار مع الشباب المعاصر الهائم على كل ما يكُنّه في صدره، ويودّ أن يُبديَه أمام أحد .

       إن أحداثَ 11/ سبتمبر خلّفت آثارًا عميقة عمّت العالم كافة ؛ ولكنها لم تكن بداية عهد جديد في تاريخ العالم ؛ وإنما كانت امتدادًا لمؤامرات الاستعمار الأمريكي التي ظلّت على قدم وساق، وتعبيرًا عن مسلسل مواقف الرعب التي ظلّت تساوره نحو الإسلام . فقبل اليوم بعشرة أعوام كانت «السربُ» في «بوسنيا» تصفّي المسلمين من خلال الإبادة الجنسية والقتل الجماعي وجميع العالم كان واقفًا موقف المتفرّج من المسلمين في بوسنيا، وهناك هبّ عدد كبير من الشباب الإسلامي المفعَم بالحمية الإسلامية وعاطفه الثأر من جميع البقاع الدانية والقاصية لنجدة الإخوة والأخوات الذين كانوا يخوضون معركة دامية للإبقاء على كيانهم وشرفهم في «بوسنيا» ، وأتاح الجهاد المشرِّف للمسلمين كافة في جميع أنحاء المعمورة على اختلاف مذاهبم ومدارس فكرهم واختلاف جنسيتهم أن يجتمعوا على رصيف واحد ، ويعملوا يدًا واحدة ضد الظالم الغشوم ، والذين كانت تُعوزهم الإمكانياتُ للمساهمة المباشرة في الجهاد المشرّف قدّموا معونات مالية كبيرة، وبجانب ذلك قادوا مسيرات احتجاجاتٍ وحركات لا تُحصى لنفخ روح الثأر واليقظة العامة حتى يمكن فرض الحد من الإبادة الجنسية الفظيعة، والغربُ – الواقف موقف المتفرّج – لم يتقدّم ليتدخّل إلا عندما تأكّد أن الأرض قد زُلزِت تحت أقدام السرب، وطفقوا يتراجعون على أعقابهم، وأن كفة المسلمين المناضلين المصابرين كادت ترجح ، وكادت المعركة تسفر عن النصر المحتوم للمسلمين ، وإنما تدخّلَ الغربُ لأنه لم ولن يسوغه قيام دولة إسلامية في قلبه بحال مّا، ولا أقول ذلك من تلقاء نفسي ، وإنما اعْتَرَفَ بذلك الرئيسُ الأمريكي الأسبق بدوره في كتاب my life (حياتي) الذي وضعه بقلمه وحكى فيها عن قصة حياته .

       وفي فترة الأعوام العشرة الماضية قد تزايد خوف سيطرة الإسلام لدى الغرب أكثر من أي وقت مضى ، وكلّ ما جرى – وظلّ يجري بشكل لا يكاد لا ينتهي – في كل من فلسطين والعراق وأفغانستان من سفك الدماء وإقامة المذابح الإنسانية تعبير عن هذا الرعب المسيطر على الغرب، وما حصل في لبنان حاليًا أتى كمثال جديد لهذا الواقع. أتيح لي أن زرتُ فيما مضى هذه المذابحَ؛ حيث شاهدتُ بأم عينيّ المشاهدَ البشعةَ التي تقشعر لها الجلود: وجدتُ أجسام الشيوخ والصغار والشباب متمزّقة، وجثـت الأخوات والأمّهات متناثرة، وكانت تشكِّل منظرًا أبشع وأسوأ من تلك الجُثث التي اُخرِجت من تحت أنقاض المبنى التجاري العالمي بعد تفجيرات 11/ سبتمبر؛ ولكن العالم يشاهد أن دماء المسلمين لاتُقام لها قيمة. يمر آلاف من المسلمين الأبرياء بأسوأ أنواع التعذيبات في كل من «غوانتاناموبي» – أسوأ مقر للتعذيب عرفته البشرية – و«باغرام» و «أبوغريب» و «ديغوغارشيا»، إلى السجون السرّية الأخرى في الأقطار النائية، كما أن عددًا كبيرًا من الأبرياء يذوق أشد العذاب في كل من سوريا والأردن والمغرب وتونس والجزائر وحتى في بلادنا مصر على إيعاز من أمريكا. إنّني أتساءل: إن هذه الأوضاع ماذا تتطلب من شبابنا؟! إن هذا الشباب يسمع دائمًا عن شجاعة رسوله – – وجراءته وطموحه، ويقرأ كثيرًا عن خوارق البطولات التي قام بها القائد الإسلامي العظيم خالد بن الوليد والسلطان صلاح الدين الأيوبي؛ ولكن هذا كله لايهزّ كيانه، لماذا ؟ ولماذا لايثير فيه روح اليقظة والثأر والانتصار؟. وبالمناسبة أقول: إنني قبل خمسة أعوام ما كنت سمعتُ عن نبي الإسلام – – وما كنتُ أعرفه في قليل أو كثير؛ ولكنّني – منذ أن اعتنفتُ الإسلامَ وتذوّقتْ الإيمان – يسرني أن تذهب نفسي فداء وضحية في سبيل الدفاع عن كرامته – – وقداسته ، وفي سبيل التأسي بسيرته وسنته .

       يُلَقَّن الشباب المعاصر في جانبٍ أنه لا ينبغي له أن يخاف أحدً إلاّ الله – سبحانه وتعالى – ففي جانب آخر يتلقّى أن ينبذ الإسلامَ وراء ظهره. ومنذ 11/سبتمبر تُبذَل محاولات مكثَّفة تستهدف أن تصوغ الإسلام في بوتقة تلبّي تداعيات المجتمع الغربي الفاسق، وتنسجم مع أسلوب حياته، وهذه المحاولات تعمل من ورائها الفكرة التي ترمي إلى أن تُعرِّف الإسلام في المجتمع الدولي كنظام اجتماعي لاديني لايعتمد على أساس ثابت، وبدل أن يخضع لأوامر الله وأحكامه  يشعر بالفخر والعزة في الانقياد والخضوع لدى القُوى المعادية المتكالبة عليه: الإسلام الذي يسعى لإبقاء كيانه محافظاً على الأمن والسلام وبدون أن يهدّد نظام العالم وأمنه، والذي لاعلاقة له مع الجهاد والشريعة والخلافة التي أمر الله – سبحانه وتعالىٰ – بإقامتها . وهذه الفكرة الخبيثة مفاعيلُها بادية للعيان  في كل مكان ؛ فبينما نجد أن كلاً من تركيا وفرنسا والجزائر تفرض الحظر على الحجاب، إذ نجد هولنداء وألمانيا تريدان أن تضربا الحظر عليه في أقرب وقت، وهذا «جيك استرا» الوكيل السابق في وزارة الشؤون الخارجية ببريطانيا يثير الشكوك حول الحجاب، وبالمناسبة إني أنا – بصفتي امرأة مؤمنة – أؤكّد بأنني لن أخوّل كَهلاً أبيضَ – تعني «جيك سترا» – صلاحيّة ليُحدِّد لي ما أرتدي أنا وما لا أرتدي .

       وقد قرأتُ قريبًا في صحيفة صادرة في القاهرة أن السيد فاروق حسني وزير الثقافة المصري وَصَفَ الحجابَ بشعار التخلّف . إنه تجاسر على أمر عظيم والشباب المصري المسلم ساكت تجاهه سكوت هيبة وانقياد! لماذا؟ أليس هو أساء إلى كل امرأة مؤمنة تودّ أن تستر عورتها وترتدي الحجابَ، أما تَفوَّه بما يمسّ غيرتها ويجرح عواطفها الإيمانية. إن مثل فاروق حسني يُشَكِّل عارًا بالنسبة للإسلام والمسلمين، وإنه بموقفه الفاضح يؤكّد للشباب الإسلامي في جميع بقاع العالم ازدواجيته ونفاقه ووقوفه المخزي ضد الإسلام وأبنائه. إن الحجاب هو شعار مقدّس يرفض تمامًا أسلوبَ الحياة الغربية المنغمسة في الشهوات العلنية الفاجرة، والمُدمنةِ في المُسكراتِ والمخدِّرات، والمتبنَّية القيمَ السلبية الفاسقة. إن الحجاب يوجِّه رسالة إلى الغرب بأنّنا لانرغب – في قليل أو كثير – أن نعيش مثل ما يعيشون .

       إن الشباب المسلم يُثير فيّ الضحكَ والاستعجابَ معًا، إذ أراه أنه يتخذ الغرب قدوة يقتفي سيرته ويتبنّى حضارته ويحاول أن يكونَ غربيًّا مثل الغربيين. ألا يعلم أنه بموقفه هذا كيف يسقط من عين العالم . إن مثل فاروق حسني الذي قام بإساءة وتجريح عواطف الأخوات الأمهات يستحق الفصل عن الوزارة بشكل فوري، إنه يسمّي نفسَه مسلمًا، وكي يُغطِّي وجهَه البغيض يستند إلى «الاعتدالية» المزعومة ، ولستُ أدري أنه بموقفه هذا أيَّ رسالة يوجِّه إلى الشباب، أيشير هو على الشباب الإسلامي العاضّ على الدين بالتمسّك بالاعتدالية وهو أولى بها منه؟ أليس يعني هذا أن الإسلام فيه مواطنُ النقص التي في حاجة ماسّة إلى المعالجة .

       في الزيارة السابقة إلى القاهرة حضرتُ جامعةَ الأزهر، فما وصفني الشيخ الطنطاوي «متطرّفة» إلا لأنّني امتنعتُ عن مصافحة الشيخ. مَنِ المعتدل ومَنِ المتطرف؟ إني لستُ حول الموضوع على جانب كبير من العلم، نعم! إني مؤمنة ساذجة تؤمن بالله ورسوله .

       ظلّ الإسلام مستهدَفًا للتحدّيات والهجومات عبرَ تاريخه الطويل الذي تجاوَز أكثر من 1400 عام؛ ولكنه يعيش اليوم من المِحن والتحدّيات والمشكلات مالم يسبق له مثيل فيما مضى من الزمان، ولن تستطيع الأمة أن تتخلّص منها؛ حتى تُعزّز علاقتَها مع الدين ، وتؤمن بالله وتتوكّل عليه، ولن تعقد الآمال بأحد إلا بالله – سبحانه وتعالى – ولكن هناك أناسًا يعلِّقون الآمال على القوى المتربّصة بهم الدوائرَ، ويُقبّلون الأيادي التي يُلطَمون بها في وقاحة أي وقاحة .

       ينبغي للشباب أن يعي جيدًا الأوضاعَ التي نشأت بعد أحداث 11/ سبتمبر والتفجيراتِ الحاصلة في كل من «بالي» و«ميدرد» و«بريطانيا». إنه لَيجد أن كثيرًا من الذين كانوا يُحرِّضون الشبابَ على استيفاء العدل والإنصاف عن طريق التضحيات والعمليات الاستشهادية والذين كانوا يستحثّونه على نجدة جماعات المجاهدين المصابرين المقاومين الذين كانوا يخوضون المعارك الدامية لاستعادة مجدهم والإبقاء على كيانهم.. يجد أن بعضًا منهم – وهم كثيرون – لاذوا بالسكوت بشكل مُخزٍ للغاية، على حينِ إن البعضَ الآخر عاد يندِّد بالجهاد المسلّح علَنيًّا، إلى جانب وصف المُجاهدين المناضلين بالإرهابيين والمتطرّفين، إلى جانب دعواهم أن هولاء يتبنّون الاتجاه الخاطئ للإسلام . لماذا نشأت هذه الأوضاع؟ كل منا – القادة والشعب – مسؤول عنها في قليل أو كثير.

       لعل الرعبَ أخذ من الأمة كلَّ مأخذ، حتى عُقِدت الألسنةُ من المهاجرة بالحق . فقد نرى أن العمليات الاستشهادية المُنَفَّذة في فلسطين المباركة والأراضي العربية والإسلامية الأخرى، يُنَدَّد بها مثل ما نُـدِّد بتفجيرات 11/ سبتمبر الإرهابية. إن الوضع يفرِض علينا أن نحيطَ شبابَنا علمًا بأن كل ما يجري في كل من فلسطين والشيشان وأفغانستان والعراق، إنما هو مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الأجنبي الغاشم، الذي بسط سيطرته على الأراضي العربية والإسلامية بقوة ودهاء عن طريق غير شرعي، وأما أحداث 11/ سبتمبر وتفجيرات لندن فليست إلا عمليات إرهابية دونما شك، والذين يحاولون أن يسوّوا بين ما يحدث في فلسطين وما حدث في لندن وغيرها فهم يخونون – عن غرض أو مرض – مع الإخوة والأخوات الذين سُدّت في وجوههم طُرقُ الحياة، ولم يبق لهم إلا خياران: إمّا أن يساهموا في المقاومة التي هي وحدها تضمن لهم استعادة العِزّ المنهوب واستراد الوطن السليب، وإما أن يقفوا مواقف الخضوع والاستسلام التي سوف تُسفر عن اندثار كيانهم من وجه الأرض بشكل محتوم.

       إن هؤلاء – الذين اشتراهم الغرب بثمن بخس – يتناولون الحكومات والمنظّمات الإسلامية بالانتقاد اللاذع مستندين إلى الشريعة الإسلامية، ويمارسون عليها الضغطَ الكبيرَ من خلال الدعايات الفارغة؛ حتى إن تلك المنظّمات الإسلامية المكوّنة من الطلاب الشباب، التي سبقت لها أن قادت الحملات تترًا لصالح العراق والفلسطين، لاذت بالسكوت حتى تصنَّف «معتدلة» .

       تموج بريطانيا اليوم بالدعاة الذين أسمّيهم «المصفّقين للغرب»، تَسوردهم الحكومةُ بهدف تبليغ «الإسلام» المحب للأمن من كل من كندا وأمريكا واليمن وموريتانيا، فهولاء يلوِّثون أذهان شبابنا، وقبل أن يتفاقم شرهم في العالم يجب علينا أن نسدّ البابَ في وجوههم .

       هؤلاء «الدعاة» يحقدون مدرسة الفكر الوهابية، ويأخذونها بالانتقاد ضاربين جميع معاني الإنصاف عرض الحائط، وبعضٌ منهم يستخدمون أبيات الحمد وأناشيد مديح النبي استخدامًا سيئًا؛ حيث يمزجونها بالموسيقى الغربية . الأمر الذي يؤلمني جدًا .

       وهذه المحاولات المكثّفة تستهدف تزييف الإسلام، وتحاول أن تأتي بالإسلام الجديد الذي يعوزه الاعتمادُ على أساس ثابت، والذي يتبادر للتفاهم مع الغرب تجاه الاعتداءات التي تُصبّ على المسلمين: «الإسلام» الذي يكب معتنقوه على أناشيد المديح الموقّعة بالألحان الغربية، فيهتزّون لها، ويعيشون هم بدورهم متبنّين الحضارة الغربية الفاجرة، مركِّزين جميع عناياتهم على حياتهم الشخصية، ويتحيّنون كل فرصة متاحة للانتقاد والتنديد بالإخوان الذين يخوضون المقاومة المشرّفة ضد الظلم والعدوان الغاشم ؛ حتى أصبح اليوم الدعاء لهم جريمة ؛ حيث يتم توجيهنا منذ فترة أن نمتنع عن الدعاء للمجاهدين .

       سئل القائدُ الإسلامي الكبير السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي يعرفه التأريخ بفاتح القدس والأقصى: أيها الأمير! ما يمنعك عن الابتسام؟ قال: كيف لي أن أبتسمَ والقدس تحت سيطرة الصليبيّين!! إنّي أقول في نفسي ماذا عسى أن يقول السلطان لو كان حيًا، ورأى موقفنا؟ وبما ذا عسى أن يشير على شبابنا هذا . وهؤلاء القادة العرب بلغوا من قلة حيائهم أنهم يرقصون أمام أمريكا رقصًا فاجرًا؛ فهاهم قدّموا العراق كلقمة سائغة إلى أمريكا، وغضّوا – ولا يزالون يغضّون – النظر عن قضية فلسطين التي ظلّت تنتهك حرماتُها بشكل لايكاد ينتهي إلى حد. وقد أدّت بهم مواقفهم الخاضعة إلى أسوأ حال حث يشعر جميع العالم وحتى الشباب والصغار بأن ناقوس الحرب يُدقّ من جديد .

       يجب علينا أن نربّي صغارنا ونُزوّدهم بالتعليم في ضوء سيرة الرسول وأصحابه – صلى الله عليه وعلى أصحابه أجمعين وسلّم – ؛ حتى يقتفوا آثاره، ويتلَقّوا الدروس من سيرته . إن من طبيعة الإسلام أن الجبابرة بقدر ما يمارسون القهر عليه، تزداد تياراتُ الانتفاضة في أبنائه ثورة واشتعالاً. فيجب على شبابنا أن يتبعوا الإسلام ويتخدوه مشعلَ طريقهم .

       إن فاروق حسني وكل من يحذو حذوه جبناء في الواقع. إنه كي يؤكِّد تغربه أكثر من الغربيين تفّوه بكلمة وقحة تشف عن الجبن. التأريخ لايعتني به وبأمثاله اعتناءً ، بينما ستُسجَّل فصول عن المقاومة والمصابرة وعن خوارق البطولات التي قام بها إخوتنا وأخواتنا .

       يزداد اليوم في سرعة عدد الشباب الذي أدرك أنه مهما صالح الغرب تجاه دينه لصهر نفسه في المجتمع الغربي؛ فإنه عند ما تنقلب الأوضاع تقع نظرة الشك عليهم وحدهم بأول وهلة. وإني واثقة بأن هولاء بقدر ما يكرِّسون الجهود لصرفنا نحن المسلمين عن الجهاد والشريعة والخلافة تثور في المسلمين عاطفةُ بذل التضحية والدماء للحفاظ على هذه القيم .

       تأكّد! أن الجهاديين لايشكّلون خطرًا على أسلوب الحياة الغربية . إن مُقاومتهم مشروعة تسمح بها القوانين الدُوَلية . نعم إن كان رجال الدين يشكّلون خطرًا على شبابنا، فهم في الواقع المسيحيون الدينيون الأصوليون الذين يقبعون في «القصر الأبيض» و«داؤننغ استريت» هم الذين يقودون شبابنا إلى ممارسة التطرف؛ فإن «بوش» و«توني بلير» كليهما يؤديان مسؤولية تجنيد الشباب في القاعدة وغيرها من المنظمات بشكل أحسن. إن كثيرًا من الشباب بدأ يتأكّد أن الحرب الجارية باسم «الإرهاب» تستهدف الإسلامَ في الواقع لا الارهابَ.

       فأولُ ما يجب على الأمة اليوم أن تعمل على إيقاظ الشباب وإرشاده صادرة عن الإيمان واليقين، كما عمل النبي وأثـّر في قلوب الملايين وهداهم الطريقَ القويمَ . إن كثيرًا من الناس اليوم أيضًا يهتدون بتعاليمه الطاهرة . ومن أهم ما يجب على شباب اليوم أن يعيه أن لايخاف أحدًا إلاّ الله .

*  *  *

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الأولى – جمادى الثانية 1428هـ = مايو – يوليو  2007م ، العـدد : 5–6 ، السنـة : 31.